كشف الستور عن حكم حبس الطيور
صفحة 1 من اصل 1
كشف الستور عن حكم حبس الطيور
بسم الله الرحمن الرحيم
كشف الستور عن حكم حبس الطيور
كتبه طارق بن عبد الرحمن الحمودي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه, واشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فهذه تقييدة في حكم حبس الطيور في القفص لأجل غنائها وجمال مظهرها, وأصل هذا الباب ما رواه البخاري (5778) ومسلم (2150) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخي أنس وكان له نغير يلعب به: (يا أبا عمير ما فعل النغير؟)
*قال الحافظ في فتح الباري (10/584): (وفي هذا الحديث عدة فوائد جمعها أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف بابن القاص الفقيه الشافعي صاحب التصانيف في جزء مفرد بعد أن أخرجه من وجهين عن شعبة عن أبي التياح ومن وجهين عن حميد عن أنس ومن طريق محمد بن سيرين وقد جمعت في هذا الموضع طرقه وتتبعت ما في رواية كل منهم من فائدة زائدة وذكر بن القاص في أول كتابه أن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها ومثل ذلك بحديث أبي عمير هذا قال وما درى أن في هذا الحديث من وجوه الفقه وفنون الأدب والفائدة ستين وجها ثم ساقها مبسوطة فلخصتها مستوفيا مقاصدة ثم أتبعته بما تيسر من الزوائد عليه)
*قلت: و الجزء مطبوع , وهو من منشورات مكتبة السنة.قال في مقدمتها : (وأما قصة أبي عمير ,فأنا ذاكرها بروايتها, وملطف القول في تخريج ما فيها من وجوه الفقه والسنة وفنون الفائدة والحكمة, ليعلم الرازي على أهل الحديث به أنهم بالمدح به أولى, وأن السكوت كان به أحرى, وذلك أن فيه ستين وجها من الفقه, وسنأتي إن شاء الله وبعون الله وتوفيقه على بيان ذلك وتفصيله)
وقال في آخره : (مثل هذا الحديث فيه تثبيت الامتحان والتمييز بيننا وبين أمثالهم, إذ لم يهتدوا إلى شيء من تخريج فقهه, ويستخرج أحدنا منه بعون الله وتوفيقه كل هذه الوجوه وفي ذلك وجهان :
أحدهما: اجتهاد المستخرج في استنباطه, والثاني تبيين فضيلته في الفقه والتخريج على أغياره.
والعين المستنبط منها عين واحدة, ولكن من عجائب قدرة اللطيف في تدبير صنعه أن تسقى بماء واحد, ويفضل بعضها على بعض في الأكل)
*قلت: قد ذكر بعضهم من فوائد هذا الحديث أكثر من هذا, ففي نفح الطيب (6/215) أن الفقيه ابن الصباغ – وهو من العلماء الذين غرقوا في نكبة السلطان المريني أبي الحسن, وكانوا نحو أربعمائة عالم - أملى في مجلس درسه بمكناسة على حديث (يا أبا عمير ما فعل النغير) أربعمائة فائدة.والذي يظهر أن غالبها متداخل, ولذلك قال ابن غازي المكناسي في حواشيه على الصحيح كما في التراتيب الإدارية لعبد الحي الكتاني(2/98/دار الأرقم) بعد أن ذكر أنه أوصلها إلى أكثر من مائتين : (إلا أنها لا يخلو بعضها من تداخل). وقد ذكر الشيخ عبد الحي الكتاني أيضا في فهرس الفهارس (2/891) نقلا عن الونشريسي أن شيخه ابن غازي هذا استنبط من هذا الحديث مائتي فائدة .والظاهر أنها مؤلف مفرد.
*وقال الشيخ العثيمين في كتاب العلم : (يروى عن الشافعي - رحمه الله - أنه استضافه الإمام أحمد ذات ليلة فقدم له العشاء، فأكل الشافعي ثم تفرق الرجلان إلى منامهما، فبقي الشافعي - رحمه الله - يفكر في استنباط أحكام من حديث، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا عمير ما فعل النغير) . فظل طول الليل يستنبط من هذا الحديث ويقال : إنه استنبط منه أكثر من ألف فائدة، ولعله إذا استنبط فائدة جر إليها حديث آخر، وهكذا حتى تتم)!
قلت: وهذا شيء غريب فيه مبالغة. ولم أجد لهذه القصة مسندة أو غير مسندة ذكرا فيما بين يدي! والله أعلم!
*وقد احتج بهذ الحديث على جواز حبسها للعب الصبيان بها دون عبث أو أذية جمهور أهل العلم كماقال القاضي عياض في مشارق الأنوار (2/403) واختاره في إكمال المعلم (7/26) وقال: (ومعنى هذا اللعب عند العلماء إمساكه له وتلهيه بحبسه لا بتعذيبه والعبث به) , ومن هؤلاء الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص77 ) وابن بطال المالكي في شرح البخاري وابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية (4/240) والحافظ ابن حجر كما مر.
*وأما حبسها في القفص فقد ادعى بعض المجيزين له أن لعب الصبيان بها أشد من حبسها ومع ذلك أقره النبي صلى الله عليه وسلم, فيكون جواز حبسها في القفص من باب أولى.
وفي الإقناع للشربيني (2/547): (فائدة :سئل القفال عن حبس الطيور في أقفاص لسماع أصواتها أو غير ذلك فأجاب بالجواز إذا تعهدها صاحبها بما يحتاج إليه كالبهيمة تربط) والقفال هذا هو القفال الشافعي الكبير . وكره حبسها في القفص جماعة منهم ابن عابدين كما في حاشيته(6/401) وعلل ذلك بأنه سجن وتعذيب. وقال ابن مفلح في الفروع (6/495): (ويكره حبس الطير لنغمته )
وفي بدائع الفوائد لابن القيم (3/655): (سئل – ابن عقيل - عن حبس الطير لطيب نغمتها فقال: سفه وبطر يكفينا أن نقدم على ذبحها للأكل فحسب لأن الهواتف من الحمام ربما هتفت نياحة على الطيران وذكر أفراخها أفيحسن بعاقل أن يعذب حيا ليترنم فيلتذ بنياحته وقد منع من هذا بعض أصحابنا وسموه سفها)
*ورد بعض فقهاء المالكية الاحتجاج بحديث (ما فعل النغير) على جواز حبسها في القفص كما في مواهب الجليل للحطاب, بالفرق بينه وبين لعب الصبي بها, فقالوا : (إن اللعب بها يكون لوقت يسير بخلاف حبسه ، فإنه يبقى السنين المتطاولة ، فهو تعذيب له ، فهو أشد) .خلافا لما ادعاه بعض المجيزين من كون اللعب بها أشد كما مر.والمشهور في المذهب المالكي المنع وهو اختيار الزرقاني في شرحه لمختصر خليل ومحشييه, وهما البناني والرهوني.وكذلك الأُبِّيُّ في شرح مسلم كما في نيل الابتهاج بنور السراج للبلغيثي (1/40) بدعوى أن قصة أبي عمير قضية عين.وذهب بعض المالكية إلى الجواز محتجين بما في المدونة (15/179): (قلت: أرأيت لو أني أتيت إلى قفص فيه طير ففتحت باب القفص فذهب الطير أأضمن أم لا ؟ قال : نعم, أنت ضامن في رأيي)
*واحتج بعضهم على المنع من ذلك بما نقله الدميري في حياة الحيوان الكبرى عن أبي الدرداء أنه قال: (تجيء العصافير يوم القيامة تتعلق بالعبد الذي كان يحبسها في القفص عن طلب أرزاقها وتقول يا رب عذبني في الدنيا) ولم أجده مسندا!وإن صح فإنه محمول كما قال الدميري على من منعها المأكول والمشروب, ثم ذكر أن( بعض الصحابة كان يكره ذلك).
*فائدة:
في تاج العروس (18/117): ( أقفص الرجل صار ذا قفص من الطير, ومنه حديث ابن جرير : حججت فلقيني رجل مقفص طيرا, فابتعته فذبحته وأنا ناس لإحرامي)
*وقد تكلم العلماء في تسريحه بعد صيده أو شرائه وحبسه. فقيل بالمنع بدعوى أن تسريحه من إضاعة المال وقيل بالجواز لأنه من باب المعروف والرحمة بالطير.
قال البلغيثي في نيل الابتهاج (1/41) بعد أن اختار جواز التسريح: (ثم إن ما قدمناه من أن الصواب أن تسريحه بعد إمساكه جائز, ينبغي أن يقيد بغير طير لا رفيق له,وأما الطيور التي لا رفيق لها كالفواخت عندنا والعصافير المسماة بالكنار فإنها إن سرحت قتلتها الطيور, فالظاهر وإن لم أره لأحد, أن تسريحها حينئذ حرام لما ذكرنا,نعم إمساكه أولا أو الاتيان به من محله أو شراؤه معصية تجب منها التوبة والاستغفار والله أعلم)!
*وفي فتاوى الأزهر( أنه يجوز اقتناؤها وبيعها ما دام ذلك فى حدود الشرع وبشروط ، ومن هذه الشروط :
1 - ألا يقصد بها التفاخر والخيلاء ، كما هو دأب المترفين ، والأعمال بالنيات .
2 - ألا يلهى التمتع بها أو الانشغال برعايتها واستثمارها عن واجب من الواجبات .
3 - ألا يهمل فى رعايتها بالتقصير فى تغذيتها مثلا.
وحكم الطير يسري على الأسماك المتخذة للزينة فى أحواض ضيقة ليست فى سعة الأنهار ، والبحار ، وكذلك على الحيوانات فى الحدائق المعدة لها ، وقد حبست فى أقفاص أو أبنية ليست فى سعة الصحراء والغابات التى كانت تعيش فيها من قبل)
*وفي الفتوى رقم (18807) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء: ( بيع طيور الزينة مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل لأجل صوتها جائز؛ لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح، ولم يأت نص من الشارع على تحريم بيعها أو اقتنائها)
*وسئل المختار الشنقيطي كما في شرح زاد المستقنع :
( ما حكم حبس العصافير ووضعها في الأقفاص من أجل الزينة؟
فأجاب: يجوز حبس العصافير والطيور إذا كان يطعمها ولا يعذبها، كما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال-وهو من حديث أنس في السنن-: ( يا أبا عمير ! ما فعل النغير؟! ).
والنغير تصغير النغري؛ وهو نوع من الطير معروف، قيل: يحبس لجماله، وقيل: لجمال صوته، وهذا يدل على أنه لا بأس بحبس البهائم والطيور، بشرط أن يقوم على طعامها ولا يعذبها.)
وقال الشيخ أبو علي برحال في شرح مختصر خليل – كما في التراتيب الإدارية للكتاني (2/98) - : (وما ذكر من حبس الطير إنما هو إذا لم يكن فيه تعذيب أو تجويع أو تعطيش, ولو بمظنة الغفلة عنه, أو بحبسه مع طير آخر ينقب رأسه.ويتفقده بالأكل والشرب كما يتفقد أولاده , ويضع للطير كا يركب عليه كخشبة, وأما أن يضعه على الأرض بلا شيء , فذلك يضر به غاية في البرد, وهذه الأمور لا تحتاج إلى جلب نص فيها لوضوحها)
*فائدة:
روى أبو نعيم في حلية الأولياء (3/140) وأبو الشيخ في كتاب العظمة (5/1738) عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت عند علي بن الحسين فإذا عصافير يطرن حوله يصرخن.فقال: يا أبا حمزة هل تدري ما يقول هؤلاء العصافير فقلت: لا قال: ( فإنها تقدس ربها عز وجل وتسأله قوت يومها)
وأبو حمزة الثمالي ثابت بن أبي صفية رافضي ضعيف من جهة حفظه.
وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد مرفوعا (11/97) قال: أخبرنا يحيى بن محمد بن الحسين المؤدب حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني حدثنا إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة قال حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب حدثنا الحسين بن علوان الكلبي حدثنا أبو حمزة ثابت بن أبي صفية قال: كنا مع علي بن الحسين جلوسا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر بنا عصافير يصحن فقال علي بن الحسين أتدرون ما تقول هذه العصافير قلنا لا قال: أما إني ما أقول إني أعلم الغيب ولكن سمعت أبي يقول سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها وسألته قوت يومها وإن هذه تسبح ربها وتسأله قوت يومها) والحسين بن علوان متهم بوضع الحديث.
كشف الستور عن حكم حبس الطيور
كتبه طارق بن عبد الرحمن الحمودي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه, واشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فهذه تقييدة في حكم حبس الطيور في القفص لأجل غنائها وجمال مظهرها, وأصل هذا الباب ما رواه البخاري (5778) ومسلم (2150) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخي أنس وكان له نغير يلعب به: (يا أبا عمير ما فعل النغير؟)
*قال الحافظ في فتح الباري (10/584): (وفي هذا الحديث عدة فوائد جمعها أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف بابن القاص الفقيه الشافعي صاحب التصانيف في جزء مفرد بعد أن أخرجه من وجهين عن شعبة عن أبي التياح ومن وجهين عن حميد عن أنس ومن طريق محمد بن سيرين وقد جمعت في هذا الموضع طرقه وتتبعت ما في رواية كل منهم من فائدة زائدة وذكر بن القاص في أول كتابه أن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها ومثل ذلك بحديث أبي عمير هذا قال وما درى أن في هذا الحديث من وجوه الفقه وفنون الأدب والفائدة ستين وجها ثم ساقها مبسوطة فلخصتها مستوفيا مقاصدة ثم أتبعته بما تيسر من الزوائد عليه)
*قلت: و الجزء مطبوع , وهو من منشورات مكتبة السنة.قال في مقدمتها : (وأما قصة أبي عمير ,فأنا ذاكرها بروايتها, وملطف القول في تخريج ما فيها من وجوه الفقه والسنة وفنون الفائدة والحكمة, ليعلم الرازي على أهل الحديث به أنهم بالمدح به أولى, وأن السكوت كان به أحرى, وذلك أن فيه ستين وجها من الفقه, وسنأتي إن شاء الله وبعون الله وتوفيقه على بيان ذلك وتفصيله)
وقال في آخره : (مثل هذا الحديث فيه تثبيت الامتحان والتمييز بيننا وبين أمثالهم, إذ لم يهتدوا إلى شيء من تخريج فقهه, ويستخرج أحدنا منه بعون الله وتوفيقه كل هذه الوجوه وفي ذلك وجهان :
أحدهما: اجتهاد المستخرج في استنباطه, والثاني تبيين فضيلته في الفقه والتخريج على أغياره.
والعين المستنبط منها عين واحدة, ولكن من عجائب قدرة اللطيف في تدبير صنعه أن تسقى بماء واحد, ويفضل بعضها على بعض في الأكل)
*قلت: قد ذكر بعضهم من فوائد هذا الحديث أكثر من هذا, ففي نفح الطيب (6/215) أن الفقيه ابن الصباغ – وهو من العلماء الذين غرقوا في نكبة السلطان المريني أبي الحسن, وكانوا نحو أربعمائة عالم - أملى في مجلس درسه بمكناسة على حديث (يا أبا عمير ما فعل النغير) أربعمائة فائدة.والذي يظهر أن غالبها متداخل, ولذلك قال ابن غازي المكناسي في حواشيه على الصحيح كما في التراتيب الإدارية لعبد الحي الكتاني(2/98/دار الأرقم) بعد أن ذكر أنه أوصلها إلى أكثر من مائتين : (إلا أنها لا يخلو بعضها من تداخل). وقد ذكر الشيخ عبد الحي الكتاني أيضا في فهرس الفهارس (2/891) نقلا عن الونشريسي أن شيخه ابن غازي هذا استنبط من هذا الحديث مائتي فائدة .والظاهر أنها مؤلف مفرد.
*وقال الشيخ العثيمين في كتاب العلم : (يروى عن الشافعي - رحمه الله - أنه استضافه الإمام أحمد ذات ليلة فقدم له العشاء، فأكل الشافعي ثم تفرق الرجلان إلى منامهما، فبقي الشافعي - رحمه الله - يفكر في استنباط أحكام من حديث، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا عمير ما فعل النغير) . فظل طول الليل يستنبط من هذا الحديث ويقال : إنه استنبط منه أكثر من ألف فائدة، ولعله إذا استنبط فائدة جر إليها حديث آخر، وهكذا حتى تتم)!
قلت: وهذا شيء غريب فيه مبالغة. ولم أجد لهذه القصة مسندة أو غير مسندة ذكرا فيما بين يدي! والله أعلم!
*وقد احتج بهذ الحديث على جواز حبسها للعب الصبيان بها دون عبث أو أذية جمهور أهل العلم كماقال القاضي عياض في مشارق الأنوار (2/403) واختاره في إكمال المعلم (7/26) وقال: (ومعنى هذا اللعب عند العلماء إمساكه له وتلهيه بحبسه لا بتعذيبه والعبث به) , ومن هؤلاء الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص77 ) وابن بطال المالكي في شرح البخاري وابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية (4/240) والحافظ ابن حجر كما مر.
*وأما حبسها في القفص فقد ادعى بعض المجيزين له أن لعب الصبيان بها أشد من حبسها ومع ذلك أقره النبي صلى الله عليه وسلم, فيكون جواز حبسها في القفص من باب أولى.
وفي الإقناع للشربيني (2/547): (فائدة :سئل القفال عن حبس الطيور في أقفاص لسماع أصواتها أو غير ذلك فأجاب بالجواز إذا تعهدها صاحبها بما يحتاج إليه كالبهيمة تربط) والقفال هذا هو القفال الشافعي الكبير . وكره حبسها في القفص جماعة منهم ابن عابدين كما في حاشيته(6/401) وعلل ذلك بأنه سجن وتعذيب. وقال ابن مفلح في الفروع (6/495): (ويكره حبس الطير لنغمته )
وفي بدائع الفوائد لابن القيم (3/655): (سئل – ابن عقيل - عن حبس الطير لطيب نغمتها فقال: سفه وبطر يكفينا أن نقدم على ذبحها للأكل فحسب لأن الهواتف من الحمام ربما هتفت نياحة على الطيران وذكر أفراخها أفيحسن بعاقل أن يعذب حيا ليترنم فيلتذ بنياحته وقد منع من هذا بعض أصحابنا وسموه سفها)
*ورد بعض فقهاء المالكية الاحتجاج بحديث (ما فعل النغير) على جواز حبسها في القفص كما في مواهب الجليل للحطاب, بالفرق بينه وبين لعب الصبي بها, فقالوا : (إن اللعب بها يكون لوقت يسير بخلاف حبسه ، فإنه يبقى السنين المتطاولة ، فهو تعذيب له ، فهو أشد) .خلافا لما ادعاه بعض المجيزين من كون اللعب بها أشد كما مر.والمشهور في المذهب المالكي المنع وهو اختيار الزرقاني في شرحه لمختصر خليل ومحشييه, وهما البناني والرهوني.وكذلك الأُبِّيُّ في شرح مسلم كما في نيل الابتهاج بنور السراج للبلغيثي (1/40) بدعوى أن قصة أبي عمير قضية عين.وذهب بعض المالكية إلى الجواز محتجين بما في المدونة (15/179): (قلت: أرأيت لو أني أتيت إلى قفص فيه طير ففتحت باب القفص فذهب الطير أأضمن أم لا ؟ قال : نعم, أنت ضامن في رأيي)
*واحتج بعضهم على المنع من ذلك بما نقله الدميري في حياة الحيوان الكبرى عن أبي الدرداء أنه قال: (تجيء العصافير يوم القيامة تتعلق بالعبد الذي كان يحبسها في القفص عن طلب أرزاقها وتقول يا رب عذبني في الدنيا) ولم أجده مسندا!وإن صح فإنه محمول كما قال الدميري على من منعها المأكول والمشروب, ثم ذكر أن( بعض الصحابة كان يكره ذلك).
*فائدة:
في تاج العروس (18/117): ( أقفص الرجل صار ذا قفص من الطير, ومنه حديث ابن جرير : حججت فلقيني رجل مقفص طيرا, فابتعته فذبحته وأنا ناس لإحرامي)
*وقد تكلم العلماء في تسريحه بعد صيده أو شرائه وحبسه. فقيل بالمنع بدعوى أن تسريحه من إضاعة المال وقيل بالجواز لأنه من باب المعروف والرحمة بالطير.
قال البلغيثي في نيل الابتهاج (1/41) بعد أن اختار جواز التسريح: (ثم إن ما قدمناه من أن الصواب أن تسريحه بعد إمساكه جائز, ينبغي أن يقيد بغير طير لا رفيق له,وأما الطيور التي لا رفيق لها كالفواخت عندنا والعصافير المسماة بالكنار فإنها إن سرحت قتلتها الطيور, فالظاهر وإن لم أره لأحد, أن تسريحها حينئذ حرام لما ذكرنا,نعم إمساكه أولا أو الاتيان به من محله أو شراؤه معصية تجب منها التوبة والاستغفار والله أعلم)!
*وفي فتاوى الأزهر( أنه يجوز اقتناؤها وبيعها ما دام ذلك فى حدود الشرع وبشروط ، ومن هذه الشروط :
1 - ألا يقصد بها التفاخر والخيلاء ، كما هو دأب المترفين ، والأعمال بالنيات .
2 - ألا يلهى التمتع بها أو الانشغال برعايتها واستثمارها عن واجب من الواجبات .
3 - ألا يهمل فى رعايتها بالتقصير فى تغذيتها مثلا.
وحكم الطير يسري على الأسماك المتخذة للزينة فى أحواض ضيقة ليست فى سعة الأنهار ، والبحار ، وكذلك على الحيوانات فى الحدائق المعدة لها ، وقد حبست فى أقفاص أو أبنية ليست فى سعة الصحراء والغابات التى كانت تعيش فيها من قبل)
*وفي الفتوى رقم (18807) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء: ( بيع طيور الزينة مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل لأجل صوتها جائز؛ لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح، ولم يأت نص من الشارع على تحريم بيعها أو اقتنائها)
*وسئل المختار الشنقيطي كما في شرح زاد المستقنع :
( ما حكم حبس العصافير ووضعها في الأقفاص من أجل الزينة؟
فأجاب: يجوز حبس العصافير والطيور إذا كان يطعمها ولا يعذبها، كما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال-وهو من حديث أنس في السنن-: ( يا أبا عمير ! ما فعل النغير؟! ).
والنغير تصغير النغري؛ وهو نوع من الطير معروف، قيل: يحبس لجماله، وقيل: لجمال صوته، وهذا يدل على أنه لا بأس بحبس البهائم والطيور، بشرط أن يقوم على طعامها ولا يعذبها.)
وقال الشيخ أبو علي برحال في شرح مختصر خليل – كما في التراتيب الإدارية للكتاني (2/98) - : (وما ذكر من حبس الطير إنما هو إذا لم يكن فيه تعذيب أو تجويع أو تعطيش, ولو بمظنة الغفلة عنه, أو بحبسه مع طير آخر ينقب رأسه.ويتفقده بالأكل والشرب كما يتفقد أولاده , ويضع للطير كا يركب عليه كخشبة, وأما أن يضعه على الأرض بلا شيء , فذلك يضر به غاية في البرد, وهذه الأمور لا تحتاج إلى جلب نص فيها لوضوحها)
*فائدة:
روى أبو نعيم في حلية الأولياء (3/140) وأبو الشيخ في كتاب العظمة (5/1738) عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت عند علي بن الحسين فإذا عصافير يطرن حوله يصرخن.فقال: يا أبا حمزة هل تدري ما يقول هؤلاء العصافير فقلت: لا قال: ( فإنها تقدس ربها عز وجل وتسأله قوت يومها)
وأبو حمزة الثمالي ثابت بن أبي صفية رافضي ضعيف من جهة حفظه.
وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد مرفوعا (11/97) قال: أخبرنا يحيى بن محمد بن الحسين المؤدب حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني حدثنا إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة قال حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب حدثنا الحسين بن علوان الكلبي حدثنا أبو حمزة ثابت بن أبي صفية قال: كنا مع علي بن الحسين جلوسا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر بنا عصافير يصحن فقال علي بن الحسين أتدرون ما تقول هذه العصافير قلنا لا قال: أما إني ما أقول إني أعلم الغيب ولكن سمعت أبي يقول سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها وسألته قوت يومها وإن هذه تسبح ربها وتسأله قوت يومها) والحسين بن علوان متهم بوضع الحديث.
مواضيع مماثلة
» بحوث عن الطيور ، انواع الطيور ، تقارير عن انواع الطيور ، نوعيات الطيور
» اليكم البرنامج الوطني الخاص بالمباريات النهائية لتبريز الطيور للجامعة المغربية لعلم الطيور
» علم الطيور
» خصائص الطيور
» توزيع الطيور
» اليكم البرنامج الوطني الخاص بالمباريات النهائية لتبريز الطيور للجامعة المغربية لعلم الطيور
» علم الطيور
» خصائص الطيور
» توزيع الطيور
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى